نقد أدلة الرازي العقلية في القول بالجبر
د. سلطان بن عبيد بن عبد الله العرابي
جامعة أم القرى – مكة المكرمة – المملكة العربية السعودية
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد
فإنَّ مسألة أفعال العباد من المسائل التي غلِط فيها بعض المخالفين لأهل السنة والجماعة؛ وذلك بسبب دعوى التعارض بين أصلين عظيمين هما؛ الشرع والقدر، وفي تحقيق الإيمان بهما والجمع بينهما برز الإشكال في أفعال العباد بين القدرية والجبرية، فالقدرية عظَّموا الشرع وعطَّلوا القدر فأنكروا عموم الخلْق والمشيئة، والجبرية عظَّموا القدر وعطَّلوا الشرع؛ فقالت الأولى بخلْق العباد لأفعالهم، وقالت الثانية بأن العباد مجبورون عليها.
فهدى الله أهل السنة والجماعة للجمع بين الشرع والقدر دون الوقوع فيما وقعوا فيه، فالعباد مأمورون ومنهيون بما أمر الله ونهى مع الإيمان بقدره ومشيئته وإرادته سبحانه وتعالى، ولا يصح أن يكون في شرعه وما أمر به ونهى عنه ما يخالف ما قدَّره على عباده، كما لا يمكن أن يخالف القدر ما شرعه الله وكلَّف به عباده، فلا تبقى حجةٌ لمحتجٍ بالقدر على شرع الله فيُسقِط بها التكاليف الشرعية، ولا للعبد نازع الله في خلْقه بحجَّة التكليف الشرعي وتحقيق مقتضاه؛ إذ العباد وأفعالهم مخلوقون لله تعالى، لا يخرج شيءٌ عن ملكه وتدبيره، وهم مطالبون بما أُمروا به وتاركون لما نُهوا عنه، محقِّقون بذلك مقتضى الشريعة.
وهذا البحث المختصر لبيان مقالة الجبرية الذين غلوا في جانب القدر وقصَّروا في جانب الشرع، وما استدلوا به من الدلائل العقلية على صحة ما ذهبوا إليه، وذلك من خلال ما قرَّره الرازي في كتابه المطالب العالية ([i])، مع ذكر ما يؤيد ذلك من كتبه الأُخرى.
وكان عنوان البحث: ( نقد أدلَّة الرازي العقلية في القول بالجبر) وخطته على النحو التالي:
التمهيد: الجمع بين الشرع والقدر.
المبحث الأول: أصل الإشكال عند الرازي في مسألة أفعال العباد.
المبحث الثاني: أدلة الرازي العقلية في القول بالجبر عرضاً ونقداً.
المبحث الثالث: اللوازم الباطلة في القول بالجبر.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج.
تحميل البحث:
قراءة البحث:
([i]) انظر: المطالب العالية للفخر الرازي 9/ 9 وهو من أوسع كُتبُه في مسألة أفعال العباد، وانظر له أيضاً: المباحث المشرقية 2 / 543، معالم أصول الدين ص 83، والتفسير الكبير في مواضع عدة مثلاً 1 / 291